من هو القرين ؟

القرين هو شيطان تم توكيله لكل إنسان لكي يُضِلَه ويَغويه عن الطريق الصحيح، ولقد ذُكِرَ القرين في السنة النبوية والقرآن الكريم فيقول الله -عز وجل-: (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)، ولقد قال الطبري أنَّ القرين في هذه الآية الكريمة هو الشيطان.
وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلي الله عليه وسلم-: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ وَقَدْ وُكّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنّ”. قَالُوا: وَإِيّاكَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ “وَإِيّايَ. إِلاّ أَنّ اللّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ. فَلاَ يَأْمُرُنِي إِلاّ بِخَيْرٍ).
ووفقًا للقرآن الكريم والسنة النبوية المباركة فالقرين ليس له عمل إلا أن يوسوس للإنسان ويغويه عن سواء السبيل، وكيد القرين يمكنه أن يضعف ويقوي على حسب قوة إيمان الإنسان، والشيطان أو القرين ليس له أي أعمال حسية أخرى غير ذلك، ومهمة القرين تنتهي عندما يموت الإنسان، ومصير القرين بعد ذلك غير معلوم.
ولقد وجه أحدهم سؤالاً للشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- لكي يعرف من هو القرين؟ وهل القرين يُرافِقُ المتوفى في القبر؟
فكانت الإجابة أنَّ القرين هول إن الشيطان الذي يُسلطه الله -عز وجل- بإذنه -سبحانه وتعالي- على كسان فينهاه عن فعل المعروف ويأمره بفعل الفواحش، والدليل على ذلك: (لشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَآءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). على الرغم من ذلك إذا من الله -عز وجل- على الإنسان قلبًا صادقًا سليمًا ويريد الآخرة لا الدنيا، فسوف يساعده الله -عز وجل- على قرينه فيعجز عن إغواء الإنسان وتضليله.
ولهذا يجب على كل إنسان الاستعاذة بالله من الشيطان مثلما أمر الله –سبحانه وتعالي- حيث يقول: (وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، والمقصود بالنزغ هنا هي أوامر الشيطان للإنسان بأن يترك الطاعات ويفعل المعاصي، ولذلك إذا شعرت أنَّك تميل إلى فعل ذلك فاعلم أنَّ هذا من الشيطان، فيجب عليك عندها أنْ تستعيذ بالله من الشيطان.
أما بالنسبة لسؤال هل القرين يرافق المتوفي في القبر، فأجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين بالنفي وقال: الظاهر -والله أعلم- أن القرين يفارق الإنسان بمجرد موته؛ إذ أنَّ مهتمه انتهت بمجرد موت الانسان.
دور إبليس وجنوده مع البشر
وأدوار إبليس وجنوده لا تقتصر فقط على وساوس القرين للإنسان التي تم ذكرها من قبل، ولكن هناك أعوان لإبليس آخرون لهم مهام أخرى مختلفة، وهناك العديد من التصرفات التي يقوم بها إبليس وجنوده وليس لها أي علاقة بعمله ، فمثلا الشياطين التي توسوس للإنسان عند الصلاة ليست قرين، ولكنها شياطين مخصصة لذلك الأمر، ولقد سمي النبي –على الصلاة والسلام- الشيطان الذي يقوم بذلك باسم (خنزب) بكسر الخاء أو فتحها.
والقرين ليس هو أيضًا الذي يقوم بعقد ثلاثة عقد على قافية الإنسان قبل النوم، وليس هو الذي يبول في آذان من ناموا الليل كله حتى أصبحوا –كما في الصحيحين- وأيضًا العديد من الأمثلة والمسائل الأخرى، فهولاء جميعًا هم جنود ابليس –على الأرجح.
ولقد ابتلى الله –عز وجل- المؤمنين بهم، لذلك أمر الله –سبحانه وتعالى- المؤمنين أن يستعيذوا من هؤلاء وأن يتخذوهم أعداءًا لهم، ويقتصر دوره على الإغواء والوسوسة فقط. وعلى الإنسان أن يدرك بأن هذا يتطلب الصبر على الابتلاء دون أن ينقص ذلك من إيماننا.
فوائد الاستعاذة من القرين
لقد ذكر ابن القيم لتوضيح فوائد الاستعاذة: (أنَّ الاستعاذة بالله –عز وجل- من الشيطان الرجيم تعود إلى معاني الكلام الذي قبلها مع أنَّها تضمن فوائد عظيمة ومنها كمال التوحيد لله –سبحانه وتعالى- وأنَّ الذي يستعيذ به العائذ ويحاول الهروب منه إنما هو أمر وقدر الله ومشيئته فالله –سبحانه وتعالى- هو المنفرد بالحكم فإذا أراد بعباده سوءًا لم يعذهم منه إلا هو فهو الذي يريد بهم ما يسوؤهم وهو الذي يريد دفعهم عنه).
ومن الأوقات التي يُمكِنُ فيها أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم: قبل أن نبدأ في قراءة القرآن الكريم، وقبل أن نقرأ سورة الفاتحة أثناء الصلاة، وفي حالات الإنفعال والغضب، وعندما ندخل الخلاء، وعندما نسمع صوت الحمار أو الكلب، وعندما نفزع وعند الأرق، وأثناء الرقية، وعندما ندخل المسجد.