
كرم الله علاقة الزواج وجعلها أنقى وأطهر العلاقات البشرية، وأكثرها انسجامًا وتناغمًا. فقد وصفها الله سبحانه وتعالي في كتابه بأنها مودة ورحمة متبادلة بين الطرفين ولا يجوز لأحد منهما التجاوز عن حدود الشرع وأحكامه فيما يخص هذه العلاقة السامية.
وتحدث الكثير من المشاكل والخلافات بين المتزوجين ، وقد يلجأ الكثير من الأزواج بضرب زوجاتهم عند حدوث الخلافات، ويُبررون ذلك بأنَّ الشرع أباح لهم ذلك، فهل يجوز حقًا للرجل ضرب المرأة وهل توجد نصوص في الشرع تُبيح القيام بذلك؟
هل يصح ضرب المرأة ؟
في البداية لا يجب على الزوج ضرب المرأة إلا بعد نفاذ كل الوسائل الأخرى مع زوجته، وقبل أن يقوم بذلك يجب أولا أن يكون علي علم بضوابطه وأنَّ الضرب لا يشبه ما يأتي في أذهان الناس عند نطق كلمة ضرب، فينبغي علي الزوج ألا يتعجل أو يسارع به لما يترتب عليه من تسبب للفراق وآثاره السلبية على تدمير الأسرة في حالة وجود أطفال ويكون الطلاق هو الحل.
يجب علي الزوج الاتصاف بالحكمة واستخدام كل السبل المتاحة في البداية من الوعظ والتذكير أو الهجر والصبر على ما بدر من زوجته؛ لأن الضرب يمكن أن يفضي إلى غير المطلوب وحدوث مشكله كبري.
يجب أن يتأكد الزوج أولا من النية للضرب فإذا كان ضرب الرجل للمرأة يفضي إلى غير مراجعة الخطأ والتعديل فينبغي عدم فعله؛ لأن الضرب قد يغيرها عليه أكثر وقد يسيء أخلاقها ويسبب فراقها ويثير أهلها أيضًا، ولاسيما في هذا العصر.
إنَّ ضرب المرأة هي رخصة للرجال خصها الله للتأديب والتعديل والعلاج إذا اقتضي الأمر ذلك.
حكم ضرب الرجل المراة
لقد ذهب الفقهاء الي أنَّه لا يجوز للزوج ضرب المراة إلا بعد استنفاذ كل الحلول السلمية، لأنَّ مخالفة ذلك الشرط هي مخالفة صريحة لأمر الله -سبحانه وتعالى- في المعاشرة بالمعروف، وقد أمر الله تعالى الزوج بمعاشرة زوجته بالمعروف نصًّا في قوله عز وجل: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» النساء 19.
وحتى لا يقع الزوج في أي مخالفة لأوامر الله عند ضرب المرأة يجب الانتباه إلى الأمور التالية:
- لا يجوز للرجل ضرب المرأه ضربًا مُبرحًا، فالضرب الذي يُسبب إصابات للمرأة سواء بنزيف دماء أو تكسير عظام هو مخالف للشرع.
- يجب أن يكون الهدف من ضرب الرجل للمرأة هو التأديب وليس التعذيب.
- عند ضرب المرأة لا يجب على الرجل التعرض لأي مواضع تؤثر بشكل سلبي على نفسية المراة، فلا يجب التعرض مثلا للوجه؛ لأن القيام بذلك سيتسبب في تشويه شكل المرأة أمام الناس وهذا غير مقبول، فالمقصد من الضرب هو التأديب وليس الإتلاف.
وعن جابر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أنَّ النبي قال في خطبة الوداع: (… اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف….)
لذلك يجب علي الزوج التحلي بالصبر والهدوء والعقلانية في التصرف ومعرفة حدود هذه الرخصة جيدًا.
عقوبة ضرب الزوج لزوجته
عقوبة ضرب الزوج للزوجة جاء فيه أنَّ الضرب المبرح الذي يحدث من الزوج لزوجته أو لأولاده سيعذبه الله به في نار جهنم، حيث أنَّ الزوجة تم تكريمها عند الله -سبحانه وتعالى- وفي الإسلام وهي ليست جارية عند الزوج فلا يحق له أنْ يضربها أو يعاملها بغلظة.
وحتى الجارية نفسها لم يشرع الإسلام الضرب في حقها، ففي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كان المالك لو ضرب جاريته على وجهها يحكم النبي عليها –صلى الله عليهم وسلم- بالحرية بسبب ذلك.
ولقد حث الاسلام على الرفق وعدم ضرب الحيوانات عند التعامل معها، فما هو الحال عند التعامل مع إنسان مثلك!
تعليق واحد