الدين والحياهمقالات

الصبر و الابتلاء : كيفية التعامل مع الابتلاء

الصبر علي الابتلاء

الصبر في اللغة العربية هو القيام بتربية النفس للبعد عن الجزع والسخط، أما الصبر من ناحية المفهوم الشرعي فهو أن يمتنع الشخص عن كل شيء تم تحريمه وتأدية كل فرض فرضه الله -عز وجل-، بالإضافة إلى الرضا وعدم الجزع أو السخط من قدر الله -سبحانه وتعالى- بشرط أن يكون الإنسان مُتأدبًا عند المِحَن والابتلاءات، والمقصود من الصبر في الشرع اصطلاحًا هو أن يكون المؤمن ثابتًا على كل ما جاء في السنة النبوية والقرآن الكريم.

والإبتلاءات التي تمر بالإنسان في حياته لها الكثير من الحكم الإلهية، فمن خلالها يَمتحن الله -عز وجل- صدق إيمان العبد، وفي ذلك يقول سبحانه: (مَّا كَانَ اللَّـهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)، والمِحَن والإبتلائات هي تربية لنفس المؤمن للثبات على الحق، ويقول الله -عز وجل في ذلك-: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)، ولا ريب أنَّ كل مؤمن يصبر على الإبتلاءات والمِحَن سيكون سببًا في رفع درجانه وشأنه عندما يلقى ربه في الآخره.

أنواع الإبتلاءات

للإبتلاءات على من تقع عليه أنواعًا عديدة منها:

  •  الإبتلاءات التكليفية

المقصود بالابتلاءات التكليفية هي الابتلاءات التي تحدث للأشخاص على مستوى فردي، ويُمكِن أن يقال عليها ابتلاءات التكليف وتحمل الأمانة وفيها يقول المولى -عز وجل-: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا).

  • الإبتلاءات الشخصية

هي الإبتلاءات التي يتعرض لها الإنسان في نفسه أو في أي شخص حوله من أفراد الأسرة عند السراء أو الضراء ولقد أشار الله -عز وجل- في القرآن الكريم إلى ذلك النوع من الإبتلاء حيث قال: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعًا بَصِيرًا . إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا).

  • الابتلاءات الإجتماعية

هذا النوع من الإبتلاءات يُقصَدُ به ابتلاء الله -عز وجل- للناس بعضهم ببعض، وذلك عن طريق أن يرفع الله الناس بعضهم فوق بعض درجات حيث قال: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ).

ويُقصد به أيضًا ابتلاء الناس فيما بينهم في حظ الدنيا من الضعة والرفعة، أو الفقر والغنى، والابتلاءات هنا تكون للأغنياء والفقراء على حد سواء. والسبب أنَّ الغني إن لم يكن مُعتصمًا بالإيمان فسوف تزيد عنده شهوة جمع الأموال وسوف يستسلم لغريزة الطمع والأنانية ولن يتذكر حق الله في أمواله فلن يعطى من ماله للمساكين والفقراء والمحتاجين.

أما الفقير إن لم يكن مُتمسكًا بالتقوى والصبر على ابتلاء الفقر فإنَّه قد يحتال على الناس بالنفاق والكذب بِحُجَة فقره وحاجته إلى المال.

عليك أن تعلم كيفية اليقين فى دعاء الله.

  • الابتلاءات الجماعية أو الأممية

وهي الإبتلاءات التي قد تُصيب الأمم أو الجماعات سواء ابتلاءات بضيق أو رغد العيش، أو قسوة المناخ أو اعتداله، وأيضًا ما قد يُصيب الجماعات والأمم من أعاصير وزلازل وفيضانات وبراكين وغيرها من الإبتلاءات المماثلة والتي يكون تأثيرها على الفرد فقط بدون الآخر أو الجماعة فقط دون الأخرى ولكن يكون تأثيرها على جميع الأفراد أو الجماعات.

وهذا النوع من الإبتلاءات يظهر بسبب المعاصي والآثام التي يرتكبها الناس، وقد حذر النبي -صلي الله عليه وسلم- من هذا النوع من الإبتلاءات ففي الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: (كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين فأقبل علينا رسول الله -صلي الله عليه وسلم- بوحهه فقال: “يا معشر المهاجرين، خمس خصال أعوذ باللّه أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء فلولا البهائم لم يمطروا، ولا خفر قوم العهد إلا سلط اللّه عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا ما في أيديهم، وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل اللّه عز وجل في كتابه إلا جعل اللّه بأسهم بينهم”).

ماذكره القرآن في الصبر على الابتلاء

هناك الكثير من الآيات التي تحدثت عن الصبر علي الابتلاء والمحن في القرآن الكريم ومن هذه الآيات:

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) }البقرة: 155 – 157{

(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) }آل عمران: 186{

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) }محمد: 31{

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى